سجّلت أسعار الفضة ارتفاعات قوية وملحوظة في الأسواق المحلية والبورصات العالمية خلال تعاملات اليوم الجمعة، مدفوعة بمجموعة من العوامل المتداخلة، في مقدمتها ضغوط السيولة المرتبطة بنهاية العام، إلى جانب مزيج داعم من توقعات خفض أسعار الفائدة العالمية، وتراجع الدولار الأمريكي، وتصاعد الطلب على المعادن النفيسة باعتبارها أدوات تحوط وحلولًا استثمارية، فضلًا عن دور الفضة كمكوّن صناعي رئيسي في العديد من القطاعات الحيوية، وفقًا لتقرير صادر عن مركز «الملاذ الآمن».
أسعار الفضة في السوق المحلية
وعلى المستوى المحلي، شهدت أسعار الفضة قفزة ملحوظة خلال تعاملات اليوم، حيث ارتفع سعر الجرام بنحو جنيهين دفعة واحدة، ليصعد سعر جرام الفضة عيار 800 من مستوى 94 جنيهًا إلى 96 جنيهًا، في حين سجل جرام الفضة عيار 925 نحو 111 جنيهًا، وبلغ سعر جرام الفضة عيار 999 قرابة 120 جنيهًا.
في الوقت ذاته، استقر سعر جنيه الفضة عند مستوى 888 جنيهًا، وسط نشاط ملحوظ في الطلب الاستثماري بالتزامن مع الارتفاعات القياسية للأسعار العالمية.
أداء الفضة في الأسواق العالمية
عالميًا، واصلت أسعار الفضة موجة الصعود العنيفة، حيث ارتفعت أوقية الفضة بنحو 3 دولارات خلال جلسة اليوم، لتسجل مستوى 75 دولارًا للأوقية، وهو أعلى مستوى تاريخي تصل إليه الفضة على الإطلاق.
وجاء هذا الارتفاع مدعومًا بمزيج استثنائي من العجوزات الهيكلية في المعروض العالمي، والتي تمتد لعدة سنوات، إلى جانب تسارع وتيرة الطلب الصناعي والاستثماري منذ بداية عام 2025، في ظل التحولات الكبرى في قطاعات الطاقة المتجددة والتكنولوجيا والصناعات الدقيقة.
مكاسب قياسية وتفوّق واضح على الذهب
وأشار تقرير مركز «الملاذ الآمن» إلى أن الفضة باتت على أعتاب تحقيق مكاسب تقارب 160% منذ بداية عام 2025، متفوقة بفارق واسع على أداء الذهب، الذي سجل بدوره مكاسب قوية بنحو 72% خلال العام، في واحد من أقوى أعوامه منذ عام 1979.
ويأتي ذلك ضمن موجة صعود شاملة ضربت مختلف المعادن النفيسة، مدفوعة بتغيرات جوهرية في السياسة النقدية العالمية وتصاعد المخاطر الاقتصادية والجيوسياسية.
وسجلت نسبة الذهب إلى الفضة، والتي تقيس عدد أوقيات الفضة اللازمة لمعادلة قيمة أوقية واحدة من الذهب، نحو 60 نقطة، وهو ما يعكس تحسنًا ملحوظًا في الأداء النسبي للفضة مقارنة بالذهب، ويعزز من جاذبيتها الاستثمارية خلال المرحلة الحالية.
قمم تاريخية للمعادن النفيسة
واخترقت أسعار الفضة مستوى 75 دولارًا للأوقية لأول مرة في تاريخها خلال جلسة الجمعة الموافق 26 ديسمبر، بالتزامن مع ضغوط نهاية العام على مستويات السيولة في الأسواق العالمية.
وفي السياق ذاته، واصل الذهب تداوله فوق مستوى 4500 دولار للأوقية، محافظًا على قربه من قمم تاريخية جديدة، في حين اندفعت أسعار كل من البلاتين والبلاديوم بقوة، مدعومة برقّة التعاملات خلال موسم الأعياد وضيق أحجام التداول مقارنة بالأسواق الرئيسية للذهب والفضة.
سياق الأسواق العالمية وحركة الأصول
وجاء صعود المعادن النفيسة بالتوازي مع موجة ارتفاع في الأصول عالية المخاطر مع اقتراب نهاية العام، حيث صعدت الأسهم الآسيوية إلى أعلى مستوياتها في عدة أسابيع، واستقرت عقود مؤشرات الأسهم الأمريكية، لتعود إلى الواجهة سردية «رالي سانتا كلوز» التي غالبًا ما تشهدها الأسواق في الأسابيع الأخيرة من العام.
ورغم هذا الأداء الإيجابي للأصول الخطرة، واصلت معادن الملاذ الآمن، وعلى رأسها الذهب والفضة، تحقيق مكاسب قوية، ما يعكس سعي المستثمرين لإنهاء عام 2025 بمراكز استثمارية تجمع بين الاستفادة من مرونة النمو والتحوط في الوقت نفسه من تصاعد حالة عدم اليقين الجيوسياسي والاقتصادي.
عوامل داعمة إضافية لأسعار الفضة
وساهم تصاعد حالة عدم اليقين المرتبطة بجانب العرض، إلى جانب الاضطرابات المتزايدة في التجارة العالمية، في تعزيز التدفقات الدفاعية نحو المعادن النفيسة، لا سيما خلال فترات التداول المحدودة المرتبطة بموسم الأعياد.
ومع تراجع مستويات السيولة، اتجه المستثمرون بشكل متزايد إلى استخدام الذهب والفضة كأدوات تحوط طويلة الأجل بدلًا من الاعتماد على المضاربات قصيرة الأجل، ما عزز من استقرار الاتجاه الصاعد للأسعار.
كما استفادت أسواق المعادن الثمينة من ارتفاع مستوى الوعي بالمخاطر المرتبطة باضطرابات سلاسل الإمداد العالمية، ومخاوف نقص المعروض، خصوصًا في قطاع الطاقة، حيث أضافت التحركات التشريعية الأخيرة المؤثرة على الشحن وتدفقات السلع مزيدًا من الضبابية للأسواق العالمية، وهو ما دعم الإقبال على الأصول الحافظة للقيمة.
السياسة النقدية والبيانات الاقتصادية
ولا تزال توقعات تيسير السياسة النقدية تمثل عامل دعم رئيسي لأسعار المعادن النفيسة، إذ تسعّر الأسواق احتمالات قيام مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بخفض أسعار الفائدة عدة مرات خلال عام 2026، في ظل تباطؤ معدلات التضخم وظهور إشارات على تراجع زخم سوق العمل الأمريكي.
وعادة ما تصب أسعار الفائدة المنخفضة في صالح الأصول غير المدرة للعائد، مثل الذهب والفضة، من خلال تقليص تكلفة الفرصة البديلة للاحتفاظ بها.
وفي المقابل، حدّت بعض البيانات الاقتصادية الأمريكية القوية من وتيرة الصعود، بعدما أظهرت أرقام النمو الاقتصادي تسجيل أداء فاق التوقعات خلال الربع الثالث من العام، وهو ما يدعم الدولار نسبيًا وقد يشكّل عامل ضغط على أسعار المعادن النفيسة. كما أظهرت بيانات ثقة المستهلك استمرار حالة الحذر لدى الأسر الأمريكية.
الفضة… نجم الأسواق في 2025
وبرزت الفضة، على غرار الذهب، كأحد أبرز الرابحين خلال عام 2025، بعدما جذبت اهتمام المستثمرين الباحثين عن بدائل أكثر أمانًا في ظل تقلبات أسواق الأسهم.
ورغم بقاء سعر الفضة أقل بكثير من سعر الذهب، فإن مكاسبها النسبية جاءت لافتة، إذ بدأت العام عند مستويات قريبة من 29 دولارًا للأوقية، قبل أن تقفز إلى 75 دولارًا للأوقية بنهاية ديسمبر.
ولا يعكس هذا الارتفاع شهية المستثمرين وحدها، بل جاء مدفوعًا بعوامل هيكلية عميقة تشمل ضغوط التضخم، وقيود المعروض العالمي، وتصاعد المخاطر الجيوسياسية، والنمو القوي في الطلب الصناعي، إلى جانب تأثير تيسير السياسة النقدية في تعزيز جاذبية الأصول المادية.
وشكّلت جلسة 26 ديسمبر خاتمة قوية لعام تاريخي، أنهت فيه المعادن النفيسة عام 2025 عند مستويات غير مسبوقة، مدعومة بمزيج من العوامل النقدية والهيكلية، في وقت واصلت فيه الأسواق العالمية محاولاتها لتحقيق مكاسب نهاية العام.
- Choosing a selection results in a full page refresh.

