شهدت أسعار الفضة ارتفاعات ملحوظة خلال تعاملات الأسبوع الماضي، سواء في السوق المحلية أو بالبورصة العالمية، لتواصل تحقيق مكاسب قوية تعكس حالة الزخم الاستثماري المتصاعد تجاه المعدن الأبيض. وأوضح تقرير صادر عن مركز «الملاذ الآمن» أن أسعار الفضة في السوق المحلية ارتفعت بنسبة 3.5%، بينما صعدت الأوقية عالميًا بنسبة 3.4%، مدفوعة بعوامل عدة أبرزها تراجع المخزونات العالمية، وارتفاع وتيرة الطلب الاستثماري، إلى جانب تجدد المخاوف المتعلقة بالمعروض في الأسواق.
تحركات الأسعار محليًا وعالميًا
وذكر التقرير أن أسعار الذهب في السوق المحلية سجلت هي الأخرى زيادة طفيفة خلال الأسبوع الماضي بنحو 2.5 جنيه، حيث بدأ جرام الذهب من عيار 800 تداولاته عند مستوى يتراوح بين 72 و74.5 جنيهًا. وفي المقابل، حققت الفضة عالميًا ارتفاعًا واضحًا، إذ قفزت الأوقية بنحو 1.92 دولار، بعدما افتتحت تعاملات الأسبوع عند 56.33 دولارًا لتختتم عند 58.27 دولارًا للأوقية، مقتربة من أعلى مستوياتها على الإطلاق.
وأشار التقرير إلى ثبات أسعار الفضة المصنعة محليًا، حيث سجل جرام الفضة عيار 925 نحو 86 جنيهًا، بينما بلغ سعر جرام الفضة عيار 999 حوالي 92 جنيهًا، في حين استقر سعر جنيه الفضة عند 584 جنيهًا دون تغيير ملحوظ.
---
البيانات الاقتصادية وتأثيرها على حركة السوق
تناول تقرير «الملاذ الآمن» تأثير البيانات الاقتصادية الأمريكية الأخيرة على حركة أسعار الفضة، موضحًا أن قراءة مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي (PCE)، وهو المؤشر الأهم الذي يراقبه الاحتياطي الفيدرالي لقياس التضخم، أظهرت تباطؤًا طفيفًا في التضخم الأساسي ليسجل 2.8% على أساس سنوي. كما ارتفعت النفقات الاستهلاكية الكلية بنسبة 0.3% على أساس شهري وبنسبة 2.8% سنويًا، بما يتوافق تمامًا مع توقعات السوق.
وفي سياق التطورات الاقتصادية، أظهر مؤشر ثقة المستهلك الأمريكي تحسنًا ليصل إلى 53.3 نقطة، إلى جانب انخفاض توقعات التضخم لعام واحد إلى 4.1%. وأسهمت هذه المؤشرات مجتمعة في تعزيز التوقعات بشأن اتجاه الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماع الأسبوع المقبل، بحسب أداة «CME FedWatch»، في حين اختفت التكهنات المتعلقة بخفض أكبر بمقدار 50 نقطة أساس.
---
الفضة تتفوّق على الذهب وتسجل قفزة تاريخية في 2024
أكد التقرير أن الفضة تواصل أداءها الاستثنائي خلال العام الجاري، حيث سجلت ارتفاعًا مذهلًا بنسبة 101% منذ بداية العام، لتحقق بذلك أفضل مكاسب سنوية منذ عام 1979. ويأتي ذلك بالتزامن مع استمرار تفوق الفضة على الذهب، إذ سجل معدل الذهب إلى الفضة مستوى 72 نقطة، وهو أدنى مستوى خلال أربع سنوات، ما يعكس قوة الطلب على الفضة كأصل استثماري مقارنة بالذهب خلال الفترة الأخيرة.
وبحسب التقرير، فقد قفزت الفضة إلى مستويات قياسية عالميًا متجاوزة 58 دولارًا للأوقية، وسط توقعات باستمرار التذبذبات السعرية خلال الفترة المقبلة، حيث يُرجح أن تتراوح الأسعار بين 40 و75 دولارًا للأوقية، في ظل التغيرات المتسارعة بالعوامل المؤثرة على العرض والطلب.
---
الهند في صدارة الطلب الاستثماري العالمي على الفضة
لفت مركز «الملاذ الآمن» في تقريره إلى أن الهند أصبحت هذا العام المحرك الرئيسي للطلب الاستثماري على الفضة عالميًا، بعدما تجاوز سعر الأوقية 59 دولارًا. وتشير البيانات إلى أن الهند تستحوذ على ما يقرب من 80% من الطلب العالمي على سبائك وعملات الفضة، إلى جانب ريادتها التاريخية في سوق المجوهرات الفضية.
وخلال السنوات الخمس الماضية فقط، اشترى السوق الهندي نحو 29,000 طن من المجوهرات الفضية، إضافة إلى حوالي 4,000 طن من العملات المعدنية، وهو ما يعكس قوة الطلب المحلي واتساع قاعدة المستهلكين.
وزاد الزخم الاستثماري على الفضة في الهند بعد إعلان بنك الاحتياطي الهندي عن قاعدة تنظيمية جديدة تمنح المواطنين إمكانية رهن أصول الفضة للحصول على تمويل رسمي اعتبارًا من أبريل 2026. ويُتوقع أن تفتح هذه الخطوة الباب أمام شريحة أكبر من المستثمرين للحصول على الائتمان، مما يعزز مكانة الفضة كأصل يمكن استخدامه كضمان مالي، وهو ما أدى بالفعل إلى ارتفاع الطلب وضغوط متزايدة على المعروض العالمي.
---
توقعات السوق: عجز مستمر ودعم قوي من الصناعات الخضراء
رجّح التقرير استمرار العجز في سوق الفضة خلال الفترة المقبلة، نتيجة محدودية الإنتاج العالمي وتحديات سلاسل التوريد، إلى جانب زيادة الطلب الصناعي على الفضة، خصوصًا في الصناعات المرتبطة بالطاقة المتجددة والتكنولوجيا النظيفة. ويعد هذا الطلب الصناعي المتصاعد أحد أهم العوامل الداعمة للمستويات السعرية المرتفعة للفضة.
كما أوضح التحليل الفني المرفق بالتقرير أن نسبة الذهب إلى الفضة قد تعيد اختبار مستوى الدعم عند 65 نقطة، ما يشير إلى احتمالية استمرار المكاسب خلال الفترة المقبلة قبل العودة إلى مستويات التوازن التاريخية بين المعدنين.
